وعن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه طاف يوم فتح مكة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:«الحمد الله الذي أذهب عنكم عبية الجاهلية وتكبرها، يا أيها الناس، إنما الناس رجلان: مؤمن تقي كريم على الله، وفاجر شقيّ هين على الله»، ثم قرأ الآية. وعنه عليه السلام:"من سرّه أن يكون أكرم الناس فليتق الله". وعن ابن عباس: كرم الدنيا الغنى، وكرم الآخرة التقوى.
الخلق بعضًا، ويتميز شخص من شخص، فقيل: بأي شيء التفاخر؟ ومن الذي يستحق المأثرة والمفخرة؟ فقيل: من هو أتقى لله وأخشى له، ومن يكون عالمًا بالله وبصفاته.
قال في "المرشد": "الوقف على {لِتَعَارَفُوا} تام، وقال أبو حاتم: ولا يجوز: لتعرفوا أن أكرمكم عن الله أتقاكم، لم يجعلهم شعوبًا وقبائل ليعرفوا أن أكرمهم عند الله أتقاهم، وإنما جعلهم كذلك ليعرف بعضهم نسب بعض وقرابته".
قوله:(أنه طاف يوم فتح مكة) الحديث: من رواية الترمذي عن ابن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال: يا أيها الناس، أن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان؛ برتقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، الناس كلهم بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} ".
النهاية:"عبية الجاهلية: الكبر، وتضم عينها وتكسر، وهي "فعولة" أو" فعلية"، فإن كانت "فعولة" فهي من التعبية، لأن المتكبر ذو تلكف وتعبية، وإن كانت "فعلية" فهي من عياب الماء، وهو أوله وارتفاعه".