ووضع {الْكَافِرُونَ} موضع الضمير؛ للشهادة على أنهم في قولهم هذا مقدمون على الكفر العظيم.
و{هَذَا} إشارة إلى "الرجع"، و"إذا" منصوب بمضمر، معناه: أحين نموت ونبلى نرجع؟ {ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} مستبعد مستنكر، كقولك: هذا قول بعيد، وقد أبعد فلان في قوله، ومعناه: بعيد من الوهم والعادة. ويجوز أن يكون "الرجع" بمعنى: المرجوع، وهو الجواب، ويكون من كلام الله تعالى؛ استبعادًا لإنكارهم ما أنذروا به من البعث، والوقف قبله على هذا التفسير حسن.
قوله: (أن يكون"الرجع" بمعنى: المرجوع): أي: قال الله تعالى جوابًا لقولهم وردًا لزعمهم: {ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}، بمعنى: ما يرجع إليه حاصل كلامهم وماله؛ بعيد. وعن بعضهم: قوله: "وهو الجواب"، أي: الجواب الذي جاء به الكفار جواب بعيد، والجواب هو قولهم:{أَئِذَا مِتْنَا} فإنهم إنما قالوا ذلك جوابًا لقول المسلمين: إنا نبعث ونرجع بعد الموت. وفيه نظر؛ لأنه قال:"وهو الجواب، ويكون من كلام الله تعالى"، ولا ارتياب أن قوله:{أَئِذَا مِتْنَا وكُنَّا تُرَابًا} ليس من كلام الله تعالى، بل هو داخل في حيز قولهم:{فَقَالَ الكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا}، وهو أحد الإنكارين، كما علم من كلامه.
ثم إن. قوله:{ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}: أن كان تتمة لكلامهم لم يجز الوقف على {تُرَابًا}، وإن كان من كلام الله جوابًا عن قولهم جاز الوقف لاختلاف القائلين.
وقال الزجاج: "جواب القسم محذوف، يدل عليه:{أَئِذَا مِتْنَا}، المعنى: ق والقرآن المجيد إنكم مبعوثون، فعجبوا، فقالوا: أإذا متنا، أي: أنبعث إذا متنا؟ ويجوز أن يكون الجواب: