للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الضمير إشارة إلى ما ذكر من أمر الآيات والرزق وأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ أو إلى ما توعدون. وعن الأصمعي: أقبلت من جامع البصرة فطلع أعرابي على قعود له فقال: ممن الرجل؟ قلت: من بني أصمع. قال: من أين أقبلت؟ قلت: من موضع يتلى فيه كلام الرحمن. فقال: اتل علي، فتلوت {وَالذَّارِيَاتِ} فلما بلغت قوله تعالى: {وفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} قال: حسبك، فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر، وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى، فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف، فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت دقيق، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي قد نحل واصفر، فسلم علي واستقرأ السورة، فلما بلغت الآية صاح وقال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا! ثم قال: وهل غير هذا؟ فقرأت: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ والأَرْضِ إنَّهُ لَحَقٌّ}، فصاح وقال: يا سبحان الله! من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف؟ ! لم يصدقوه بقوله حتى ألجؤوه إلى اليمين؟ ! قالها ثلاثًا وخرجت معها نفسه.

[{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ * إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَاكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ * فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وجْهَهَا وقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ * قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إنَّهُ هُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ} ٢٤ - ٣٠]

{هَلْ أَتَاكَ} تفخيم للحديث وتنبيه على أنه ليس من علم رسول الله، وإنما عرفه بالوحي. والضيف للواحد والجماعة كالزور والصوم؛

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: إنما خص النطق دون سائر الأعمال الضرورية لكونه أبين وأظهر، ومن الاحتمال أبعد، وفيه إيماء إلى استجلاب رأس الشكر، قال: إنما جعل الحمد رأس الشكر؛ لأن ذكر النعمة باللسان والثناء على موليها أشبع لها من الاعتقاد وآداب الجوارح، لأن النطق يفصح عن كل خفي، ويجلي كل مشتبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>