للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو رأى لهم حالًا وشكلًا خلاف حال الناس وشكلهم، أو كان هذا سؤالًا لهم، كأنه قال: أنتم قوم منكرون، فعرفوني من أنتم؟

{فَرَاغَ إلَى أَهْلِهِ} فذهب إليهم في خفية من ضيوفه؛ ومن أدب المضيف أن يخفي أمره، وأن يبادره بالقرى من غير أن يشعر به الضيف، حذرا من أن يكفه ويعذره.

قال قتادة: كان عامة مال نبي الله إبراهيم: البقر {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}. والهمزة في {أَلا تَاكُلُونَ} للإنكار: أنكر عليهم ترك الأكل. أو حثهم عليه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو كان هذا سؤالًا لهم) عطف على قوله: "أنكرهم للسلام الذي هو علم الإسلام"، يعني: أنه عليه السلام إما أن أنكرهم بقلبه، وقال في نفسه: هؤلاء قوم منكرون، أو كان هذا سؤالًا لهم، وقال بلسانه: أنتم قوم منكرون؟ ، وذلك أنه عليه السلام، كان بين أظهر قوم كفار، ما عهد منهم السلام الذي هو تحية للمسلمين، فلما سمع منهم أنكرهم.

نحوه ما روينا في "الصحيحين" أن موسى عليه السلام لما سلم عليه الخضر عليه السلام قال: أنى بأرضك السلام! أو بأرضي السلام؟ ! أو أراد أنهم ليسوا من معارفه، أو من جنس الناس الذين عهدهم، أو رأى لهم شكلًا خلاف شكل الناس، روى الواحدي: عن ابن عباس قال في نفسه: هؤلاء قوم لا نعرفهم.

قوله: ({فَرَاغَ إلَى أَهْلِهِ}: فذهب إليهم في خفية)، الراغب: الروغ: الميل على سبيل الاحتيال، ومنه راغ الثعلب يروغ روغانًا، وطريق رائغ إذا لم يكن مستقيمًا، كأنه يراوغ، وراغ فلان إلى فلان: مال نحوه لأمر يريد منه بالاحتيال، قال تعالى: {فَرَاغَ إِلَى آَلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَاكُلُونَ} [الصافات: ٩١]، {فَرَاغَ إلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} [الصافات: ٩٣]، أي: احتال، وحقيقته طلب بضرب من الروغان، ونبه بـ"على" على معنى الاستعلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>