عند الله، لا يزيد ولا ينقص، وذلك على الله يسير، {ومَا أَمْرُنَا إلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}، ثم عم التهديد في جميع ما صدر عن المشركين من أعمالهم بقوله:{وكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وكُلُّ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ} كما قال: "كل ما هو كائن مسطور في اللوح"، وبهذا ظهر أن القدر كالأساس، والقضاء كالبناء عليه، وعليه كلام الراغب قال: القضاء من الله أخص من القدر، لأ، الفصل بين التقدير والقدر: هو التقدير، والقضاء: هو التفصيل والقطع، وقد ذكر بعض العلماء أن القدر بمنزلة المد للكيل. ولهذا لما قال أبو عبيدة لعمر رضي الله عنهما لما أراد الفرار من الطاعون بالشام: أتفر من القضاء؟ قال: أفر من قضاء الله إلى قدر الله، تنبيهًا على أن القدر ما لم يكن قضاء فمرجو أن يدفعه الله، فإذا قضى فلا مدفع له، ويشهد بذلك قوله تعالى:{وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا}[مريم: ٢١]{كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}[مريم: ٧١]. وقد استقصينا القول في آخر سورة يونس عليه السلام، وفي فاطر. وحديث عمر وأبي عبيدة مختصر من "صحيح البخاري" عن ابن عباس.
قوله:(أو مقدرًا مكتوبًا) أي: القدر بمعنى التقدير، فهو إما أن يحمل على المقدر المسوى بأمثلة الحكمة، كما قال تعالى:{أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ}[عبس: ١٨] أي: صوره وشكله الذي يطابق المنفعة المنوطة، وإما على الحكم المبرم الذي هو مقارن للقضاء.