أو الذي يقال له: ما أجلك وأكرمك! أو: من عنده الجلال والإكرام للمخلصين من عباده، وهذه الصفة من عظيم صفات الله؛ ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام".
وللمقصد جهة ووجهة، وهي حيث ما يتوجه، و"لكل وجهة هو موليها" إشارة إلى الشريعة، ووجهت الشيء: أرسلته في جهة واحدة، فتوجه، وفلان وجيه: ذو جاه، وأحمق ما يتوجه بفتح الياء وحذف يه عنه، أي: لا يستقيم في أمر من الأمور لحمقه، وأحمق ما يتوجه به: كناية عن الجهل بالتغوط. وقوله تعالى:{وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف: ٢٩] قيل: أريد بها الجارحة واستعير للمذهب والطريق، نحو: فعلت كذا بيدي، وقيل: أريد بالإقامة تحري الاستقامة، وبالوجه التوجه، أي: أخلصوا العبادة لله في الصلاة، وعليه قوله تعالى:{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}[لقمان: ٢٢] وربما يعبر به عن الذات، كما في قوله تعالى:{ويَبْقَى وجْهُ رَبِّكَ}[الرحمن: ٢٧] وقوله: {يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ}[الروم: ٣٨] و {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}[الإنسان: ٩] قيل: أريد بالوجه التوجه إلى الله بالأعمال الصالحة، وقوله:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨] قيل: الوجه في كل هذا زيادة.
وروي أنه قيل ذلك لأبي على الرضا، فقال: سبحان الله، لقد قالوا عظيمًا! إنما أعني الوجه الذي يؤتى منه، ومعناه: كل شيء من أعمال العباد هالك وباطل، إلا ما أريد به الإخلاص.
قوله:(ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام) رواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه أحمد بن حنبل عن ربيعة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم.