للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: إذا وقعت لم يكن لها رجعة ولا ارتداد، {خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ} على: هي خافضة رافعة، ترفع أقواما وتضع آخرين: إما وصفا لها بالشدة؛ لأن الواقعات العظام كذلك؛ يرتفع فيها ناس إلى مراتب، ويتضع ناس، وإما لأن الاشقياء يحطون إلى الدركات، والسعداء يرفعون إلى الدرجات؛ وإما أنها تزلزل الأشياء وتزيلها عن مقارها، فتخفض بعضا وترفع بعضا؛ حيث تسقط السماء كسفا، وتنتثر الكواكب وتنكدر، وتسير الجبال، فتمر في الجو مر السحاب. وقرئ. (خافضة رافعة) بالنصب على الحال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه، وقيل في قول الأعرابي، وقد نظر إلى جمل نضو: كذب عليك القت وانوى، معناه: أن القت والنوى ذكرًا لأنك تسمن بهما فقد كذبا عليك، فعليك بهما، فإنك تسمن بهما، ثم اختار أنهما كلمة جرت مجرى المثل.

وحاصل الوجوه: أن {كَاذِبَةٌ} إما أنها صفة موصوف محذوف، أو هي محمولة على الواقعة مجازًا، والأول على وجوه:

أحدها: أن المعنى ليس هناك نفس تصير كاذبة بتكذيبها الله عز وجل أن لا بعث ولا إعادة، كما في الدنيا، وعليه ورد الحديث القدسي: "كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك"، إلى قوله: "ولن يعيدني كما بدأني".

وثانيها: ليس هناك نفس تكذب نفس الساعة، بأن تقول لها: لن تكوني، إما قولًا أو فعلًا، كما كانت تفعل الدنيا.

وثالثها: لا تكذب النفس الشخص حينئذ وتمنيه الأباطيل، وإليه أشار بقوله: "لا نفس حينئذ تحدث صاحبها بما تحدث به. والثاني: وهو أن يكون الضمير في {كَاذِبَةٌ} راجعًا إلى الواقعة، ويراد بالكذب الكذب بالفعل دون القول، كما قال: "أي إذا وقعت لم يكن لها رجعة"، ويروى "راجعة"، وهو من قول الزجاج، أي: لا يردها شيء كما تقول: حمل فلان فما كذب.

قوله: (وقرئ: "خافضة رافعة" بالنصب على الحال)، قال ابن جني: وهي قراءة الحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>