و"الحنث" الذنب العظيم. ومنه قولهم الغلام الحنث، أي: الحلم ووقت المؤاخذة بالمآثم. ومنه: حنث في يمينه، خلاف: بر فيها. ويقال: تحنث، إذا تأثم وتحرج.
{أَوَ آبَاؤُنَا} دخلت همزة الاستفهام على حرف العطف.
فإن قلت: كيف حسن العطف على المضمر في {لَمَبْعُوثُونَ} في غير تأكيد بنحن؟
قلت: حسن للفاصل الذي هو الهمزة، كما حسن في قوله تعالى:{مَا أَشْرَكْنَا ولا آبَاؤُنَا}[الأنعام: ١٤٨] لفصل [لا) المؤكدة للنفي. وقرئ:(أو آباؤنا)، وقرئ:(لمجمعون)، {إلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ} إلى ما وقتت به الدنيا من يوم معلوم، والإضافة بمعنى من، كخاتم فضة. والميقات: ما وقت به الشيء، أي: حد. ومنه مواقيت الإحرام: وهي الحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكة محرما.
{أَيُّهَا الضَّالُّونَ} عن الهدى {المُكَذِّبُونَ} بالبعث، وهم أهل مكة ومن في مثل حالهم. {مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ}: {مِن} الأولى لابتداء الغاية، والثانية لبيان الشجر وتفسيره. وأنث ضمير الشجر على المعنى، وذكره على اللفظ في قوله:{مِنْهَا} و {عَلَيْهِ} ومن قرأ {مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ} فقد جعل الضميرين للشجرة، وإنما ذكر الثاني على تأويل الزقوم، لأنه تفسيرها وهي في معناه.
قوله: (وقرئ: "أو آباؤنا") قالون وابن عامر: بإسكان الواو، والباقون: بفتحها، فيكون عطفًا على محل اسم "إن" بعد مضي الخبر.
قوله: (وأنث ضمير الشجر على المعنى، وذكره على اللفظ في قوله {مِنْهَا} و {عَلَيْهِ}، الانتصاف: لو أعاده على الشجر باعتبار كونه مأكولًا؛ لكونه قاله:{لآكِلُونَ … فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ} أي: على أكلهم لكان أحسن.