قلت: كانوا يوهمون المؤمنين في نجواهم وتغامزهم أن غزاتهم غلبوا، وأن أقاربهم قتلوا، فقال: ولا يضرهم الشيطان أو الحزن بذلك الموهم إلا بإذن الله، أي: بمشيئته، وهو أن يقضي الموت على أقاربهم أو الغلبة على ألغزاة. وقرئ:{لِيَحْزُنَ} و (ليحزن).
{تَفَسَّحُوا فِي المَجَالِسِ} توسعوا فيه وليفسح بعضكم عن بعض، من قولهم: افسح عني، أي: تنح؛ ولا تتضاموا. وقرئ:(تفاسحوا)، والمراد: مجلس رسول الله، وكانوا يتضامون فيه على القرب منه، وحرصًا على كلامه، وقيل: هو المجلس من مجالس القتال، وهي مراكز الغزاة، كقوله تعالى:{مَقَاعِدَ لِلقِتَالِ}[آل عمران: ١٢١] وقرئ: {فِي المَجَالِسِ} قيل: كان الرجل يأتي الصف فيقول: تفسحوا، فيأبون لحرصهم على الشهادة. وقرئ:(في المجلس) بفتح اللام: وهو الجلوس،
قوله: (وقرئ: "تفاسحوا")، قال ابن جني: وهي قراءة الحسن، وهذا لائق بالغرض لأنه إذا قيل: تفسحوا لم يكن فيه صراح، بدليل:"ليفسح بعضكم عن بعض"، وإنما ظاهر معناه: ليكن هناك تفسح، وأما التفاسح فتفاعل، فهو لما فوق الواحد.