ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبًا إلى مكة فحالفوا عليه قريشا عند الكعبة فأمر عليه السلام محمد بن مسلمة الأنصاري فقتل كعبًا غيلة وكان أخاه من الرضاعة، ثم صبحهم بالكتائب وهو على حمار مخطوم بليف، فقال لهم: اخرجوا من المدنية، فقالوا: الموت أحب إلينا من ذاك، فتنادوا بالحرب. وقيل: استمهلوا رسول الله عشرة أيام ليتجزوا للخروج، فدس عبد الله بن أبي المنافق وأصحابه إليهم: لا تخرجوا من الحصن، فإن قاتلوكم فنحن معكم لا نخذلكم، ولئن خرجتم لنخرجن معكم، .....
قوله:(فحالفوا عليه)، أي: على ضرره صلوات الله عليه، الجوهري: حالفه: عاهده وتحالفوا: أيك تعاهدوا، وضمن حالفوا معنى الاجتماع، أي: اجتمعوا عليه مخالفين.
وعن بعضهم: وحالفوا عليه، أي: تألبوا عليه، واجتمعوا على خلافه.
قوله:(فقتل كعبًا غيلة)، النهاية: وهي أن يخدع ويقتل في موضع لا يراه فيه أحد، والغيلة: فعلة من الاغتيال، وكان من حديث قتله على الاختصار من رواية البخاري ومسلم وأبي داود عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من لكعب فإنه آذى الله ورسوله؟ " قال محمد بن سلمة: أتحب أن أقتله؟ قال:"نعم" قال: ائذن فلأقل، قال:"قل"، فأتاه وتكلم بما شاء من الكذب، وواعده أن يأتيه بالحارث وأبي عبس بن جبر وعباد بن بشر، فجاؤوا ليلًا ودعوه، فقالت امرأته: إني لأسمع صوت دم، قال: إنما هو محمد رضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة ليلًا لأجاب، فلما نزل قتلوه.
قوله:(ثم صبحهم بالكتائب)، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله:(فدس)، الدس هو إخفاء المكر والخديعة، أي: بعث إليهم خفية هذا القول.