فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها فقال لها: وإنك لهند بنت عتبة؟ قالت: نعم، فاعف عما سلف- يا نبي الله- عفا الله عنك، فقال:{ولا يَزْنِينَ}، فقالت: أو تزني الحرة؟ ! وفي رواية: ما زنت منهن امرأة قط، فقال عليه الصلاة والسلام:{ولا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ} فقالت: ربيناهم صغارًا وقتلتهم كبارًا فأنتم وهم أعلم. وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قد قتل يوم بدر!
فضحك عمر حتى استلقى، وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:{ولا يَاتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ} فقالت: والله إن البهتان لأمر قبيح، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق، فقال:{ولا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} فقالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء.
وقيل في كيفية المبايعة: دعا بقدح من ماء فغمس فيه يده، ثم غمسن أيديهن.
وقيل: صافحهن وكان على يده ثوب قطري. وقيل: كان عمر يصافحهن عنه.
أي: الرجال والنساء عبدوا الأصنام، ثم تعيرنا بالشرك، ولا تعير الرجال.
قوله:(وقيل في كيفية المبايعة)، والصحيح ما رويناه عن البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية: {لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ} وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة لا يملكها.
قوله:(ثوب قطري)، النهاية: قطوى بالواو، وهو ضرب من البرود فيها حمرة، ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل: هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين.
وقال الأزهري: في أعراض البحرين قرية يقال لها "قطر" بالراء، وأحسب الثياب القطرية نسبت إليها فكسروا القاف للنسبة وخففوا.