ومنه قيل: نكاح المقت، للعقد على الرابة، ولم يقتصر على أن جعل البغض كبيرًا، حتى جعل أشده وأفحشه. و {عِندَ اللَّهِ} أبلغ من ذلك، لأنه إذا ثبت كبر مقته عند الله فقد تم كبره وشدته وانزاحت عنه الشكوك. وعن بعض السلف أنه قيل له: حدثنا، فسكت، ثم قيل له: حدثنا، فقال: تأمرونني أن أقول ما لا أفعل فأستعجل مقت الله!
في قوله:{إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ} عقيب ذكر مقت المخلف: دليل على أن المقت قد تعلق بقول الذين وعدوا الثبات في قتال الكفار فلم يفوا. وقرأ زيد علي:(يقاتلون) _ بفتح التاء_. وقرئ:(يقتلون).
أشار بقوله:"دلالة على أن قولهم ما لا يفعلون مقت خالص"، فقدم التمييز في الآية على الفاعل، ومثله جائز، قال:
أرى كل أرض دمنتها وإن مضت .... لها حجج يزداد طيبا ترابها
قال المرزوقي: إن قوله: "طيبًا" تمييز قدم على الفاعل، وليس خلاف في جوازه.
قوله:(للعقد على الرابة)، النهاية: في حديث مجاهد: كان يكره أن يتزوج الرجل امرأة رابه، يعني: امرأة زوج أمه، لأنه كان يربيه.
قوله:(لأنه إذا ثبت كبر مقته عند الله، فقد تم كبره)، يريد: أن العدول من البغض إلى المقت تتميم لمعنى إرادة البغض، ثم إن التقييد بقوله:{عِندَ اللهِ} تتميم للتتميم ومبالغة فيه.
قوله:(دليل على أن المقت تعلق بقول الذين وعدوا الثبات)، الانتصاف: أي: هو بساط لهذا، كما يقول: لا تفعل ما يلصق بك العار، لا تشاتم زيدًا، ليقع النهي مرتين؛ عامًا وخاصًا، فهو أولى من النهي على الخصوص مرتين، فإن ذلك تكرار. وقلت: أراد أنه تخصيص بعد تعميم.