للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: لما نزلت قيل: من هم يا رسول الله؟ فوضع يده على سلمان ثم قال: "لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله رجال من هؤلاء"، وقيل: هم الذين يأتون من بعدهم إلى يوم القيامة، ويجوز أن ينتصب عطفًا على المنصوب في {ويُعَلِّمُهُمُ} أي: يعلمهم ويعلم آخرين؛ لأن التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كله مستندًا إلى أوله، فكأنه هو الذي تولى كل ما وجد منه {وهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} في تمكينه رجلًا أميًا من ذلك الأمر العظيم، وتأييده عليه، واختياره إياه من بين كافة البشر {ذَلِكَ} الفضل الذي أعطاه محمدًا وهو أن يكون نبي أبناء عصره، ونبي أبناء العصور الغوابر، هو {فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ} إعطاءه، وتقتضيه حكمته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فوضع يده على سلمان)، روينا عن البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت سورة الجمعة فتلاها، فلما بلغ: {وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قال رجل: يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا؟ فلم يكلمه حتى سأل ثلاثًا، قال: وسلمان فينا؟ فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان وقال: "والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لتناوله رجال من هؤلاء".

قوله: (فكأنه هو الذي تولى كل ما وجد منه)، أي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي تولى كل ما وجد من التعليم، يعني: يصح إسناد التعليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمم- الفائتة للحصر- إلى انقراض العالم، لأنه إذا تناسقت العنعنة من الثقات المتقنين الذين حموا المتون من تحريف الزائغين، والإسناد من تولى الكاذبين، صح أن يقال: هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويعلم آخرين منهم لما يلحقوا بهم، هذا يدل على جلالة قدر المحدثين وعلو مرتبتهم، ولذلك قال: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ}. اللهم اجعلنا من زمرتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>