قلت: إن بقي وحده أو مع أقل من ثلاثة، فعند أبي حنيفة: يستأنف الظهر إذا نفروا عنه قبل الركوع، وعند صاحبيه: إذا كبر وهم معه مضى فيها، وعند زفر: إذا نفروا قبل التشهد بطلت.
فإن قلت: كيف قال: {إلَيْهَا} وقد ذكر شيئين؟
قلت: تقديره: إذا رأوا تجارة انفضوا إليها، أو لهوا انفضوا إليه؛ فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه، وكذلك قراءة من قرأ:(انفضوا إليه). وقراءة من قرأ:(لهوا أو تجارة انفضوا إليها) وقرئ: (إليهما).
قوله:(كيف قال: {إِلَيْهَا} وقد ذكر شيئين؟ )، الراغب: أعيد الضمير إلى التجارة دون اللهو لما كانت سبب انفضاض الذين نزلت الآية فيهم، ولأنه قد تشغل التجارة عن العبادة من لا يشغله اللهو، وعلى ذلك قوله:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٣٤] لما كان حبس الفضة عن الناس أعظم ضررًا إذ كانت الحاجة إليها أمس، ومنعها للمضرة أجلب.
وعلى ذلك أيضًا قوله تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}[البقرة: ٤٥] خصها برد الضمير، لأنها أرفع منزلةً من الصبر، لأنها تجمع ضروبًا من الصبر، إذ هي حبس الحواس على العبادة، وحبس الخواطر والأفكار على الطاعة، ولهذا قال الله تعالى:{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}[البقرة: ٤٥].
وقلت: ويمكن أن يقال: إن"أو" في {أَوْ لَهْوًا} مثلها في قول الشاعر:
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى .... وصورتها أو أنت في العين أملح