وعن بعض الصالحات- وكانت في هيئة رثة-: ألست على الإسلام؛ وهو العز الذي لا ذل معه؛ والغنى الذي لا فقر معه! وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رجلا قال له: إن الناس يزعمون أن فيك أن فيك تيها؛ قال: ليس بتيه، ولكنه عزة، وتلا وهذه الآية.
[{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ ولا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ} ٩]
{لا تُلْهِكُمْ} لا تشغلكم {أَمْوَالُكُمْ} والتصرف فيها، والسعي في تدبير أمرها، والتهالك على طلب النماء فيها بالتجارة والاغتلال، وابتغاء النتاج، والتلذذ بها؛ والاستمتاع بمنافعها، {ولا أَوْلادُكُمْ} وسروركم بهم، وشفقتكم عليهم، والقيام بمؤنهم، وتسوية ما يصلحهم من معايشهم في حياتكم وبعد مماتكم، وقد عرفتم قدر منفعة الأموال والأولاد، وأنه أهون شيء وأدونه في جنب ما عند الله {عَن ذِكْرِ اللَّهِ} وإيثاره عليها.
الوصول إليه، والعزيز: الذي يقهر ولا يقهر، قال تعالى:{إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[العنكبوت: ٢٦]، وقد يستعار للحمية والأنفة المذمومة، كما في قوله:{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}[البقرة: ٢٠٦] ويقال: عز علي كذا، أي: صعب.
قوله:(ليس بتيه ولكنه عزة) قال شيخنا شيخ الإسلام أبو حفص السهروردي قدس سره: العزة غير الكبر، لأن العزة معرفة الإنسان لحقيقة نفسه، وإكرامها أن لا يضعها لأقسام عاجلة، كما أن الكبر جهل الإنسان بنفسه وإنزالها فوق منزلتها، فالعزة ضد الذلة، كما أن الكبر ضد التواضع.
قوله:({عَن ذِكْرِ اللَّهِ} وإيثاره عليها) أي: لا تشغلكم أموالكم ولا أولادكم عن