فقيل له: أما تتقي الله! يسأل المؤمنون الكرة؟ قال: نعم، أنا أقرأ عليكم به قرانا. يعني: أنها نزلت في المؤمنون وهم المخاطبون بها، وكذا عن الحسن: ما من أحد لم يزك ولم يصم ولم يحج إلا سأل الرجعة. وعن عكرمة: أنها نزلت في أهل القبلة.
{لَوْلا أَخَّرْتَنِي}، وقرئ:(أخرتن)، يريد: هلا أخرت موتي {إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} إلى زمان قليل؟ {فَأَصَّدَّقَ} وقرأ أبي: (فأتصدق) على الأصل، وقرئ:{وأَكُن}، عطفا على محل {فَأَصَّدَّقَ} كأنه قيل: إن أخرتني أصدق وأكن. ومن قرأ:(وأكون) على النصب، فعلى اللفظ. وقرأ عبيد بن عمير:(وأكون)، على (وأنا أكون) عدة منه بالصلاح، {ولَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ} نفي للتأخير على وجه التأكيد الذي معناه منافاة المنفي الحكمة.
قوله:(أما تتقي الله! يسأل المؤمنون الكرة؟ ) أي: أما تخاف الله! كيف تقول: إنها نزلت في مانعي الزكاة؟ والحال أن المؤمنين لا يسألون الرجعة غلى الدنيا، بل الكافرون هم السائلون، فقال ابن عباس: أنا ما أقول من تلقاء نفسي، وإنما أقرأ بما قلت قرآنًا، لأن قوله:{أَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم} عطف على {لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ}، والمخاطبون هم المؤمنون، لقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، وفيه إشارة إلى أن من فسر القرآن وراعى النظم لا يخطئ.
قوله:(وقرئ: {وَأَكُن}، عطفًا على محل {فَأَصَّدَّقَ}) أبو عمرو: "وأكون" بالنصب والواو، والباقون: بغير واو وجزم النون. قال الزجاج: من قرأ {فَأَصَّدَّقَ وأَكُن} فـ"أصدق" جواب {لَوْلا أَخَّرْتَنِي} معناه: هلا أخرتني، وجزم {وأَكُن} على موضع {فَأَصَّدَّقَ}، لأنه على معنى: إن أخرتني أصدق وأكن. قال صاحب "الكشف": جزم "أكن" بالحمل على موضع {فَأَصَّدَّقَ} لأن موضع الفاء مع الفعل جزم. ومن قال:"وأكون" حمله على لفظ {فَأَصَّدَّقَ} لأن الحمل على