وقوله:(وحمده اعتداد) عطف على قوله: "ملك غيره" أتى بإيرادين على إثبات اختصاص الملك بالله، واختصاص الحمد به، ولما حذف "أما" التفصيلية من المعطوف، حذف الفاء اللازمة لها، وقد سبق تقريره في قوله تعالى:{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ}[آل عمران: ٧].
وأجاب: أن ملك غيره إن كان ظالمًا، فهو تسليط من الله تعالى على الخلق ابتلاءً، وإن كان عادلًا فاسترعاء منه امتنانًا.
وأما حمد بعض الناس لبعض فإنما كان معتدًا به لأنه جرت نعمة الله على يده، يعني لولا نعمة الله وخلقه إياها ما جرى ذلك الإعطاء على يد العبد، فإذن: في الحقيقة الله هو المحمود، لأن أصول النعم وفروعها منه، كما أن خازن الملك إذا أعطى الغير فهو إنما يحمد لأنه باشر الفعل، وفي الحقيقة الملك هو المحمود لأن النعمة منه، وذهب عنه أن فعل الإعطاء أيضًا في الحقيقة ليس من العبد، ثم نقول: هب أنه خلص من هذه الورطة بهذا العذر، فأنى له الخلاص من الحمد على الحمد على الأفعال الاختيارية؟ ! وقد قال في فاتحة الفاتحة:"الحمد والمدح أخوان، وهو الثناء والنداء على الجميل من نعمة وغيرها". ثم قال في الحجرات:"وكل ذي لب وراجع إلى بصيرة وذهن، لا يغيب عنه أن الرجل لا يمدح بفعل غيره، وحمل الآية على ظاهرها يؤدي إلى أن يثنى عليهم بفضل الله وقد نعى الله هذا على الذين أنزل فيهم {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}[آل عمران: ١٨٨] " فإذا لم يجز أن يثنى عليهم بفعل الله، لم