المعنى: أن الكافر ضال عن قلبه، بعيد عن، والمؤمن واجد له مهتد إليه، فيكون قوله:{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} تابعًا لقوله: {وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} على طرح قرينتيها، وأما على تقدير أهل السنة: وأن علم الله موافق لقضائه وقدره، فهو تذييل لقوله:{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إلاَّ بِإذْنِ اللَّهِ} ولما كان معنى {بِإذْنِ اللَّهِ}: بتقديره ومشيئته، كان {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} تقديرًا له وتوكيدًا، ينصره ما رواه الواحدي عن ابن عباس:{بِإذْنِ اللَّهِ}: بعلم وقضائه، وعن مقاتل:{يَهْدِ قَلْبَهُ} عند المصيبة فيعلم أنها من الله فيسلم لقضائه ويسترجع.
وعن محيي السنة:{يَهْدِ قَلْبَهُ}: يوفقه لليقين حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فيسلم لقضائه.
وقلت: وينصر هذا التأويل ما رويناه عن أبي داود والترمذي عن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه عند الموت: يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان، حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة"، يا بني إنيً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من مات على غير هذا فليس مني".
وعليه كلام الضحاك، فحينئذ يحترز أن يقال ما قاله في سورة يونس عند قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ}[يونس: ٩٦]: "تلك كتابة معلوم، لا كتابة مقدر".