ومن الأولاد أولادًا يعادون آباءهم ويعقونهم ويجرعونهم الغصص والأذى.
{فَاحْذَرُوهُمْ} الضمير للعدو أو للأزواج والأولاد جميعًا، أي: لما علمتم أهؤلاء لا يخلون من عدو، فكونوا منهم على حذر ولا تأمنوا غوائلهم وشرهم. {وَإن تَعْفُوا} عنهم إذا اطلعتم منهم على عداوة ولم تقابلوهم بمثلها، فإن الله يغفر لكم ذنوبكم ويكفر عنكم. وقيل: إن ناسًا أرادوا الهجرة عن مكة، فثبطهم أزواجهم وأولادهم وقالوا: تنطلقون وتضيعوننا فرقوا لهم ووقفوا، فلما هاجروا بعد ذلك ورأوا الذين سبقوهم قد فقهوا في الدين أرادوا أن يعاقبوا أزواجهم وألادهم فزين لهم العفو.
وقيل قالوا لهم: أين تذهبون وتدعون بلدكم وعشيرتكم وأماالكم؟ فغضبوا عليهم وقالوا: لئن جمعنا الله في دار الهجرة لم نصبكم بخير، فلما هاجروا منعوهم الخير فحثوا أن يعفوا عنهم ويردوا إليهم البر والصلة.
وقيل: كان عوف بن مالك الأشجعي ذا أهل وولد، فإذا أراد أن يغزو تعلقوا به وبكوا إليه ورققوه، فكأنه هم بأذاهم، فنزلت.
{فِتْنَةٌ} بلاء ومحنة؛ لأنهم يوقعون في الإثم والعقوبة ولا بلاء أعظم منهما؛ ألا ترى إلى قوله:{وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}؟ وفي الحديث:" يؤتى برجل يوم القيامة فيقال: أكل عياله حسناته"، وعن بعض السلف: العيال سوس الطاعات
فرسه يجلب بالضم جلبًا، إذا صاح به من خلفه واستحثه للسبق. وأجلب عليه مثله.
قوله:(وقيل: إن ناسًا أرادوا الهجرة) الحديث رواه الترمذي عن ابن عباس مع اختلاف، وهو عطف على قوله:"إن من الأزواج أزواجًا"، فعلى الأول الآية عامة، وكذلك قوله:"وقيل: إذا أمكنكم الجهاد والهجرة"، وعطف على قوله:" {فِتْنَةٌ} وبلاء ومحنة، لأنهم يوقعون في الإثم".