وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم:(في قبل عدتهن)، وإذا طلقت المرأة في الطهر المتقدم للقرء الأول من أقرائها فقد طلقت مستقبلة لعدتها، والمراد: أن يطلقن في طهر لم يجامعن فيه،
ينبغي أن يكون في الطهر وأنه يحرم في الحيض من حيث أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده، ولا يدل على عدم وقوعه، إذ النهي لا يستلزم الفساد، كيف وقد صح أن ابن عمر لما طلق امرأته حائضًا أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجعة، وهو سبب نزوله.
قوله: (وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في قبل عدتهن")، يعني: هذه القراءة ترجع تقدير"مستقبلات"، وروى هذه القراءة الأئمة كلهم.
وقال ابن جني: هذه القراءة تصديق لمعنى قراءة الجماعة، أي: فطلقوهن عند عدتهن، ومثله قوله تعالى:{لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ}[الأعراف: ١٨٧] أي: عند وقتها.
وقال صاحب" الانتصاف": وجه الدليل من القراءتين على أن الأقراء الأطهار، خلاف ما ظنه، أن الله تعالى جعل العدة، وإن كانت في الأصل مصدرًا، ظرفًا للطلاق المأمور به كاستعمال المصادر ظرفًا، كخفوق النجم، ومقدم الحاج، وزمان الطلاق، هو الطهر وفاقًا. فالتطهر: عدة، وتصير اللام على التحقيق مثلها في {قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}[الفجر: ٢٤] أي: لو علمت عملًا في حياتي، وعلى القراءة الأخرى من قبل عدتهن تحقق ذلك، فإن قبل الشيء جزء منه، فلقد أطلق القول من غير تحرير.
قوله:(في الطهر المتقدم للقرء الأول)، أي: للحيض الأول بأن يطلقها في طهر يشارف الحيض.