للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: {مِنْ} من {مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} ما هي؟

قلت: هي" من" التبعيضية مبعضها محذوف، معناه: أسكنوهن مكانًا من حيث سكنتم، أي بعض مكان سكناكم، كقوله تعالى: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] أي: بعض أبصارهم. قال قتادة: إن لم يكن إلا بيت واحد فأسكنها في بعض جوانبه.

فإن قلت: فقوله {مِّن وجْدِكُمْ}؟

قلت: هو عطف بيان لقوله: {مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} وتفسير له، كأنه قيل: أسكنوهن مكانًا من مسكنكم مما تطيقونه، والوجد: الوسع الطاقة، وقرئ بالحركات الثلاث.

والسكنى والنفقة واجبتان لكل مطلقة. وعند مالك والشافعي: ليس للمبتوتة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{يُسْرًا}، فإنه للتعظيم والتكثير، والعموم من قوله: {مِنْ أَمْرِهِ} لأنه بمعنى الشأن والحال، فقوله: {يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} أبلغ من قوله: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} ثم ليتأمل في استقرار كل واحد من مقامه، وتمكنه في مكانه.

قوله: (مبعضها محذوف)، يريد: أن "من" إذا كانت تبعيضيةً، لا بد من تقدير مكان هو المبعض الموصوف، لتقع السكنى فيه، وهو"مكانًا"، فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه اختصارًا.

قوله: ({يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}، أي: بعض أبصارهم)، يعني: في الأزمنة، لأنه ليس عليهم غض البصر أبدًا.

قوله: (فقوله: {مِّن وجْدِكُمْ}؟ )، أي: إذا كان معنى {مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} ما ذكرت، فقوله: {مِّن وجْدِكُمْ} ما موقعه؟ وما معناه؟ يعني في قوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} ما يشعر بقوله {مِّن وجْدِكُمْ}، فقوله: {مِّن وجْدِكُمْ} كالمستدرك، فأجاب المصنف بأنه عطف بيان له.

قوله: (وقرئ بالحركات الثلاث)، أي: الوجد بالضم السبعة، والبواقي شواذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>