تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: ٢٦]: "فالملك: ضبط الشيء المتصرف فيه بالحكم، والملك كالجنس له؛ فكل ملك ملك، وليس كل ملك ملكًا".
قوله:({وهُوَ عَلَى كُلِّ} ما لم يوجد مما يدخل تحت القدرة {قَدِيرٌ})، يعني أن "الشيء" عام في كل ما يصح أن يخبر عنه ويعلم بناء على مذهبه، فلما اقترن بقوله {قَدِيرٌ}، علم أن المراد منه المعدوم الذي يدخل تحت القدرة دون غيره، ومقصوده رعاية الطباق بذكر الموجود والمعدوم بين القرينتين، قال صاحب "التقريب": "وفيه نظر؛ لأن "الشيء" إما أن يختص بالموجود، أو يشمل الموجود والمعدوم على المذهبين، فلا وجه لتخصيصه بما لم يوجد مع انضمام {كُلِّ} إليه، اللهم إلا أن بقال: خصصه به ليغاير ما قبله، إذا خصصه بالموجود".
قلنا: لو عمم الثاني: لتحقق التغاير أيضًا، على أن في تخصيص الأول بالموجود أيضًا نظرًا، لأن اليد مجاز عن القدرة، وإن تخصصت القدرة بالمعدوم كما هو مذهبه تخصص الأول بالمعدوم، وإن لم يتخصص، لم يتخصص الثاني بالمعدوم. والتحقيق أن الأول مطلق، والثاني عام لما وضع له تباين الشيء، فقصد بيان أصل القدرة أولًا، وعمومها ثانيًا.
وقلت: الظاهر أن الآية من باب التكميل، فالقرينة الأولى تدل على التصرف التام في الموجودات، على مقتضى إرادته ومشيئته من غير منازع ولا مدافع، تصرف الملاك في ملكهم، لا يتصرف فيها حقيقة، ولذلك قدم الظرف للتخصيص، قال الإمام: "هذه اللفظة إنما