نعت لـ {هَذَا}، و {يَنصُرُكُم} نعت لـ {جُندٌ} محمول على اللفظ، ولو جمع على المعنى لجاز". فعلى هذا "من" استفهامية، فلا يجوز أن يكون "أم" منقطعة، لئلا يلزم اجتماع استفهامين؛ فلذلك قال القاضي:{أَمَّنْ هَذَا الَّذِي}، عديل لقوله:{أَوَ لَمْ يَرَوا}، على معنى: أو لم تنظروا في أمثال هذه الصنائع، ولم تعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف وإرسال حاصب، أم لكم جند ينصركم من دون الله إن أرسل عليكم عذابه؟ فهو كقوله:{أَمْ لَهُمْ آَلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا}[الأنبياء: ٤٣]، إلا أنه أخرج مخرج الاستفهام عن تعيين من ينصركم، إشعارًا بأنهم اعتقدوا هذا القسم.
وقلت: الظاهر من كلام المصنف أن "من" موصولة، و {هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ} صلتها، على تأويل: "ويقال: هذا الذي يرزقكم"، لأنه عطف تفسيري للصلة، فلو كانت استفهامية لكانت داخلة في حيز القول، وكأن تقديره: يقال في حقه: من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الله، فحينئذ يحتمل أن تكون"أم" متصلة، والقرينة محذوفة بشهادة سياق الكلام، كما في قوله تعالى:{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ}[البقرة: ١٣٣].
ولكن الوجه أن يكون "أم" متصلة، على أن يقدر قبلها محذوف، كأنه قيل: أتدعون على الأنبياء اليهودية {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ}، فالمعنى: آلله الذي له هذه الأوصاف الكاملة والقدر الباهرة، ينصركم وينجيكم من الخسف والحصب وغيرهما إذا أصابتكم، أم الذي يشار إليه ويقال في حقه: هذا الحقير؛ الذي تزعمون أنه جندلكم ينصركم من دون الله؟ آلله الرزاق ذو القوة المتين يرزقكم في السنين المجدبة، أم الذي يقال في حقه: