للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا يزال ينكب على وجهه، وأنه ليس كالرجل السوي الصحيح البصر الماشي في الطريق المهتدى له، وهو مثل للمؤمن والكافر.

وعن قتادة: الكافر أكب على معاصي الله تعالى فحشره الله يوم القيامة على وجهه، وعن الكلبي: عني به أبو جهل بن هشام. وبالسوي: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: حمزة بن عبد المطلب.

[{ويَقُولُونَ مَتَى هَذَا الوَعْدُ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إنَّمَا العِلْمُ عِندَ اللَّهِ وإنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ * فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ} ٢٥ - ٢٧].

{فَلَمَّا رَأَوْهُ} الضمير للوعد، والزلفة: القرب، وانتصابها على الحال أو الظروف، أي: رأوه ذا زلفة أو مكانا ذا زلفة. {سِيئَتْ وجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي ساءت رؤية الوعد وجوههم بأن علتها الكآبة وغشيها الكسوف والقترة، وكلحوا،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التقابل بين قوله تعالى: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًا عَلَى وجْهِهِ أَهْدَى}، وبين قوله: {أَمَّن يَمْشِي سَوِيًا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، هو أن الماشي على الطريق إما أن يكون صحيح البصر أو فاقده. وعلى الأول: الطريق+ إما أن يكون معتسفًا غير مستو، والسالك إما أن يكون غير عارف بالطريق، فيعثر كل ساعة فيخر على وجه مكبًا، أو يكون عارفًا خريتا يمشي في هذا الطريق قائمًا سالمًا من الخرور والعثور. وإما أن يكون متعبدًا مستوي الجهة، والعارف يمشي فيها سويًا، والجاهل ينحرف فيها هكذا وهكذا. وعلى الثاني ظاهر.

واعلم أن {سَوِيًا} إذا فسر بـ"قائما"، كان التقابل بينه وبين {مُكِبًا} ظاهرًا، وإذا فسر بـ"مستوي الجهة" أي: جهة مستويًا كان معنويًا، وكان {عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} كالتأكيد له، كما أن {عَلَى وجْهِهِ} تأكيد لـ {مُكِبًا}. وإذا جعل {سَوِيًا} بمعنى "قائمًا"، كان تأكيدًا معنويًا.

قوله: (المهتدي له)، اللام متعلق بـ"المهتدي"، والضمير يعود إلى "الطريق"، وهو في مقابلة "لا يهتدي إلى الطريق"؛ فاستعمل "الهدى" تارة بـ"إلى"، وأخرى باللام.

<<  <  ج: ص:  >  >>