خلق نبي الله كان القرآن. الحديث، وليس فيه ذكر {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}[المؤمنون: ١].
قال شيخنا شيخ الإسلام قي "العوارف": "قولها رضي الله عنها: "كان خلقه القرآن"، فيه سر كبير غامض؛ وذلك أن النفوس مجبولة على طبائع وغرائز من البهيمية والسبعية والشيطنة، والله تعالى بعظيم عنايته، نزع نصيب الشيطان منه صلوات الله عليه، لقوله تعالى:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}[الشرح: ١]، ولحديث انشرح الصدر، وبعد هذا النزع، بقيت للنفس الزكية النبوية بقايا صفات البشرية رحمة للخلق، فاستمدت البقايا من الصفات بظهورها فيه صلوات الله عليه، بتنزيل الآيات المحكمات بإزائها لقمعها، تأديبًا من الله رحمة الله رحمة له خاصة وللأمة عامة، موزعا نزول الآيات على الأيام والأوقات عند ظهور الصفات، قال الله تعالى:{لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ}[الفرقان: ٣٢]، فلما تحركت النفس الشريفة عند كسر رباعيته وقال: "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم"، أنزل الله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران: ١٢٨]، فاكتسى القلب لباس الاصطبار، فلما توزعت الآيات على ظهور الصفات، صفت الأخلاق النبوية بالقرآن، ليكون خلقه القرآن؛ ولذا ورد: "إنما أنسى لأسن"، تأديبًا لنفوس الأمة وتهذيبًا ورحمة".