وكان الوليد دعيا في قريش ليس من سنخهم، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده. وقيل: بغت أمه ولم يعرف حتى نزلت الآية، جعل جفاءه ودعوته أشد معايبه، لأنه إذا جفا وغلظ طبعه قسا قلبه واجترأ على كل معصية، ولأن الغالب أن النطفة إذا خبثت الناشئ منها، ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة ولد الزنى ولا ولده ولا ولد ولده".
قوله:(وكان الوليد دعيًا في قريش)، الدعي: الذي ينسب إلى غير أبيه وعشيرته، وقد كانوا يفعلونه. "سنخهم": أصلهم.
قوله:(لا يدخل الجنة ولد الزنى)، هذا أشد وعيدًا من لو قيل: يدخل النار؛ لأنه يرجي منها الخلاص، فهو تغليظ وتشديد على ولد الزنية، تعريضًا للزاني لئلا يورط في السفاح، فيكون سببًا لشقاوة نسمة تزنيه.
ومما يؤذن أنه تغليظ وتهديد: ما روينا عن الدارمي، عن عبد الله ابن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يدخل الجنة عاق ولا قمار، ولا منان ولا مدمن حمر".
وفي رواية أخرى للدارمي:"ولا ولد زنية"، بدل "قمار"؛ حيث سلك ولد الزنية في قرن العاق والمنان، ولا ارتياب أنهما ليسا من زمرة من لا يدخل الجنة أبدًا.
وعن ابن ماجه، عن ميمونة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سئل عن ولد الزنا، فقال:"نعلان أجاهد بهما خير من أن أعتق ولد الزنا". على انه يجوز عتقه؛ روينا عن مالك، عن