{سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرْطُومِ} الوجه أكرم موضع في الجسد، والأنف أكرم موضع من الوجه لتقدمه له، ولذلك جعلوه مكان العز والحمية، واشتقوا منه الأنفة، وقالوا الأنف في الأنف، وحمى أنفه، وفلان شامخ العرنين. وقالوا في الذليل: جدع أنفه، ورغم أنفه، فعبر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال والإهانة، لأن السمة على الوجه شين وإذالة، فكيف بها على أكرم موضع منه، ولقد وسم العباس أباعرة في وجوهها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أكرموا الوجوه" فوسمها في جواعرها،
وبنين، كما سبق في قوله تعالى:{لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}[الممتحنة: ١]؛ قال:{إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا} متعلق بـ {لَا تَتَّخِذُوا}. وقد مر أن الشرط كالتعليل، ولذلك جعله حالًا من فاعل "لا تطع" حيث قال: "شارطًا يساره"، وصرح بحرف التعليل في قوله:"لغناه"؛ فرجع معنى "إن" المكسورة إلى معنى "أن" المفتوحة.
قال القاضي: قرئ: "إن كان" بالكسر، على أن شرط الغنى في [النهي عن] الطاعة كالتعليل بالفقر في النهي عن قتل الأولاد.
قوله:(وإذالة)، أي: إهانة.
قوله:(في جواعرها)، الجوهري:"الجاعرتان: موضع الرقمتين من است الحمار، وهو مضرب الفرس بذنبه على فخذيه".