قلت: بـ (سَأَلَ سَائِلٌ)؛ لأن استعجال النضر بالعذاب إنما كان على وجه الاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم والتكذيب بالوحي، وكان ذلك مما يضجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بالصبر عليه، وكذلك من سأل عن العذاب لمن هو، فإنما سأل على طريق التعنت، وكان من كفار مكة. ومن قرأ:«سال سائل» أو «سيل»، فمعناه: جاء العذاب لقرب وقوعه، فاصبر فقد شارفت الانتقام، وقد جعل (فِي يَوْمٍ) من صلة (واقِعٌ) أي: يقع في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سنيكم، وهو يوم القيامة: إما أن يكون استطالة له لشدته على الكفار، وإما لأنه على الحقيقة كذلك. قيل: فيه خمسون موطنا كل موطن ألف سنة، وما قدر ذلك على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر …
قوله:(وكذلك من سأل)، عطف على قوله:"لأن استعجال النصر بالعذاب"، يعني:{فَاصْبِرْ} مُتعلق بـ {سَأَلَ سَائِلٌ}، لأن {سَأَلَ}: إما مُضمن معنى "دعا" والداعي هو النضر، وهو غنما دعا على نفسه استهزاءً بمحمد، صلوات الله عليه، فاقتضى ذلك تسليته صلوات الله عليه، وأن ينصره على أعدائه، ، وأن يَتَصبَّر على أذاه. وإما مُضمن معنى "اهتم" و"عُنى" بالسؤال؛ فالسائل لما سمع معنى قوله: اهتم سائل بعذاب واقع، قال مُستهزئاً: لمن هو؟
قوله:(وما قدر ذلك على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر)، روينا في "المُعْتمد" عن محيي السنة في "شرح السُّنة"، عن أبي سعيد: قيل لرسول الله? : يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فما أطول هذا اليوم! فقال رسول الله? :"والذي نفسي بيده، إنه لَيُخَفَّفُ على المؤمن، حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة، يصليها في الدنيا".