للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجوز أن تكون مفسرة، لأن الإرسال فيه معنى القول. وقرأ ابن مسعود: «أنذر» بغير «أن» على إرادة القول. و (أَنِ اعْبُدُوا) نحو (أَنْ أَنذِرْ) في الوجهين.

فإن قلت: كيف قال (ويُؤَخِّرْكُمْ) مع إخباره بامتناع تأخير الأجل، وهل هذا إلا تناقض؟ قلت: قضى الله - مثلا - أنّ قوم نوح إن آمنوا عمرهم ألف سنة، وإن بقوا على كفرهم أهلكهم على رأس تسع مئة، فقيل لهم: آمنوا يؤخركم إلى أجل مسمى، أي: إلى وقت سماه الله وضربه أمداً تنتهون إليه لا تتجاوزونه، وهو الوقت الأطول تمام الألف. ثم أخبر أنه إذا جاء ذلك الأجل الأمد لا يؤخر كما يؤخر هذا الوقت، ولم تكن لكم حيلة، فبادروا في أوقات الإمهال والتأخير.

[(قَالَ رَبِّ إنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً ونَهَارًا • فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إلاَّ فِرَارًا • وإني كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ واسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وأَصَرُّوا واسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا • ثُمَّ إنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا • ثُمَّ إنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وأَسْرَرْتُ لَهُمْ إسْرَارًا • فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (قضى الله - مثلاً - أن قوم نوح عليه السلام إن آمنوا عَمَّرَهم) إلى آخره، ذكره الإمام بعينه في "تفسيره"، وقال الواحدي ومحيي السنة: "المعنى: يعافيكم إلى منتهى آجالكم فلا يُعاقبكم، {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ} [نوح: ٤]، يقول: آمنوا قبل الموت تَسلموا من العقوبات، فإن أجل الموت إذا جاء لا يُؤخر، فلا يمكنكم الإيمان إذا جاء الأجل". وقد مر شيء صالح من هذا البحث في "الفاطر" عند قوله: {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ} [فاطر: ١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>