للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكنا نصدقهم فيما أضافوا إليه من ذلك، حتى تبين لنا بالقرآن كذبهم وافتراؤهم كذباً قولا ()، أي: مكذوبا فيه. أو نصب نصب المصدر لأن الكذب نوع من القول. ومن قرأ: «أن لن تقوّل»، وضع كذبا موضع تقولا، ولم يجعله صفة؛ لأن التقوّل لا يكون إلا كذباً.

[(وإنهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا • وإنهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا) ٦ - ٧]

والرهق: غشيان المحارم، والمعنى: أن الإنس باستعاذتهم بهم زادوهم كبراً وكفراً؛ وذلك أن الرجل من العرب كان إذا أمسى في واد قفر في بعض مسايره وخاف على نفسه قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، يريد الجن وكبيرهم؛ فإذا سمعوا بذلك استكبروا وقالوا: سدنا الجن والإنس؛ فذلك رهقهم، أو فزاد الجن الإنس رهقا بإغوائهم وإضلالهم لاستعاذتهم بهم (وإنهُمْ) وأن الإنس (ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ) وهو من كلام الجن، يقوله بعضهم لبعض. وقيل: الآيتان من جملة الوحي، والضمير في (وإنهُمْ ظَنُّوا) للجن، والخطاب في (ظَنَنتُمْ) لكفار قريش.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ومن قرأ: "أن لن تقول" قال ابن جني: "قرأها الحسن ويعقوب، و {كَذِبًا} على هذا منصوب على المصدر من غير حذف موصوف معه، وذلك أن "تقول" في معنى "تَكذِب كأنه قيل: أن لن يكذب الإنس والجن على الله كذباً. وأما من قرأ: {أَن لَّن تَقُولَ}، فإنه وصف مصدر محذوف، أي: أن لن تقول على الله قولاً كذباً، أو نصبه نصب المفعول به، أي: أن لن تقول كذباً، كقولك: قلت حقاً، وقلت شِعراً".

قوله: (الآيتان من جُملة الوحي)، يعني: قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ}، وقولهم: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا}، من جملة قوله: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ}، فعلى هذا، الحق أن تُفتح {أَنَّهُ} و {وَأَنَّهُمْ} كما مرَّ آنفاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>