أو كانت طرائقنا طرائق قدداً، على حذف المضاف الذي هو الطرائق، وإقامة الضمير المضاف إليه مقامه؛ والقدة من قد، كالقطعة من قطع، ووصفت الطرائق بالقدد، لدلالتها على معنى التقطع والتفرّق.
(فِي الأَرْضِ) و (هَرَبًا): حالان، أي: لن نعجزه كائنين في الأرض أينما كنا فيها، ولن نعجزه هاربين منها إلى السماء. وقيل: لن نعجزه في الأرض إن أراد بنا أمرا، ولن نعجزه هربا إن طلبنا. والظن بمعنى اليقين؛ وهذه صفة أحوال الجن وما هم عليه من أحوالهم وعقائدهم: منهم أخيار، وأشرار، ومقتصدون؛ وأنهم يعتقدون أن الله عز وجل عزيز غالب لا يفوته مطلب ولا ينجى عنه مهرب.
(لَمَّا سَمِعْنَا الهُدَى): هو سماعهم القرآن وإيمانهم به (فَلا يَخَافُ) فهو لا يخاف، أي فهو غير خائف؛ ولأن الكلام في تقدير مبتدأ وخبر دخلت الفاء، ولولا ذاك لقيل: لا يخف.
فإن قلت: أي فائدة: في رفع الفعل وتقدير مبتدأ قبله حتى يقع خبراً له ووجوب إدخال الفاء، وكان ذلك كله مستغنى عنه بأن يقال: لا يخف؟
رمح لدن: أي: لين، عسل: أي: أسرع، والضمير في "فيه" للهز أو "الكف"، أي: عدا في الطريق، وفيه إشكال؛ لأن حُكم مؤقت المكان كحكم غير الظروف، فلا يُحذف "في"، والبيت شاذ. وقيل: منصوب بحذف الجار واتصال الفعل.
قوله:(الفائدة فيه: أنه إذا فعل ذلك)، أي: الرفع والتقدير. خلاصة الجواب: أن العدول من الظاهر لفائدتين: إحداهما: دلالة الثبوت والدوام التي تُعطيها الجملة الاسمية. وثانيتهما: تقديم الفاعل المعنوي المفيد للاختصاص، وأنه هو المختص بذلك دون غيره.