وقيل: هي أول سورة نزلت؛ وروى جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كنت على جبل حراء، فنوديت: يا محمد، إنك رسول الله، فنظرت عن يمينى ويساري فلم أر شياً، فنظرت فوقي فرأيت شيئاً»، وفي رواية عائشة:«فنظرت فوقى فإذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض، يعني الملك الذي ناداه، فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت: «دثروني دثروني»، فنزل جبريل وقال:(يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ).
قوله:(روى جابر بن عبد الله) الحديث، روى البخاري ومسلم وأحمد والترمذي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: سألت أبا سلمة عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن. قال:{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}، قلت: يقولون: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}؟ فقال أبو سلمة: سألت جابراً عن ذلك، وقلت له مثل الذي قلت لي، فقال لي جابر: لا أُحدثك إلا ما حدثنا رسول الله? ، قال: جاورت بحراء شهراً، فلما قضيت جواري هبطت فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً، ونظرت أمامي فلم أر شيئاً، ونظرت خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فرأيت شيئاً، فأتيت خديجة فقلت: دَثِّروني، فدثَّروني وصبوا عليّ ماء بارداً، فنزلتْ:{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (قُمْ فَأَنذِرْ (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}. وفي رواية:"فإذا هو قاعدٌ على العرش بين السماء والأرض".
قوله:(فإذا به قاعد)، قيل: هو مبتدأ وخبر، والضمير في "به" لِ "فوق"، ويمكن أن يُجرى على التجريد، أي: حَصَلَ بسببه أو ملتبس به ملك جليل القدر قاعد على العرش. وهو هو. ويجوز أن يكون الباء بمعنى "في"، أي: استقرَّ فيه ملك قاعد كما قال:
أفاءت بنو مروان ظلماً دماءنا وفي الله إن لم يَعدلوا حكم عدل