رأساً". وقال الإمام: "هذه الآيات من جملة الآيات، التي تلاطمت فيها أمواج القدر والجبر، فالقدري يتمسك بقوله:{فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} خاتمة السورة، والجبري يقول: من ضم منعها قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ}، خرج منه صريح مذهبنا".
وقلت: وفي إيقاع {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} خاتمة للسورة، إيذان بإثبات الكسب للمُكلفين، وأنهم به يسلكون سبل النجاة، وبه يتذكرون، وينتفعون بإنزال الكتب وإرسال الرسل. ثم في تعقيبها بقوله:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ}، إعلام بأنهم غير مُستقلين فيه، وأن ذلك الكسب أيضاً بمشيئة الله وإرادته، ليكون اعتمادهم عليه، وتفويضهم للأمور إليه، وعلل ذلك بقوله:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}. والاستثناء مُفرغ، قال أبو البقاء: "وما تشاؤون إلا وقت مشيئة الله تعالى، أو إلا في حال مشيئة الله تعالى".