قلت: متتابعةً كشعر العرف، يقال: جاءوا عرفاً واحداً؛ وهم عليه كعرف الضبع إذا تألبوا عليه، ويكون بمعنى العرف الذي هو نقيض النكر؛ وانتصابه على أنه مفعولٌ له، أي: أرسلن للإحسان والمعروف؛ والأول على الحال. وقرئ:"عرفا" على التثقيل، نحو "نكرٌ" في "نكر".
ومعنى {وَالنَّاشِرَاتِ} على الأول: إما نشر الجناح، أو الشرائع، أو النفوس. ومعنى {فَالْفَارِقَاتِ}، مزاولة التمييز بين الحق والباطل، ويكون إسناد إلقاء الذكر إسناداً إلى الفاعل الحقيقي. وعلى الثاني، إما نشر الرياح السحاب، ومعنى الفارقات محاولة الافتراق بين أجزاء السحاب، أو نشر السحاب الأرض، والفارقات إظهار الفرق بين الشاكر وغير الشاكر. وأما إلقاء الذكر على التقديرين الأخيرين فعلى الإسناد المجازي، والله أعلم.
قوله:(مُتتابعة كشعر العُرف)، قيل: أصله: متتابعة كتتابع شعر العُرف، فحذف "متتابعة"، فبقى "كتتابع"، ثم حُذف المثل، فبقى: تتابع شعر العُرف، ثم حُذف "التتابع"، ثم "الشعر"، فبقى "عُرفاً".
قوله:(والأول على الحال)، قال القاضي:"عُرفاً: إما نقيض النُّكر، وانتصابه على العلة، أي: أُرسلن للإحسان والمعروف. أو بمعنى: المتتابعة، وانتصابه على الحال".
قوله: (قد فُسِّرت "المرسلات" بملائكة العذاب)، ولو قال: برياح عذاب أرسلهن كان أصوب، لأنه ما سبق وجه يدل على هذا التفسير صريحاً.