للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو على بناء الأدواء. ولما جعل النوم موتاً، جعل اليقظة معاشاً، أي: حياةً في قوله: (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً)، أي: وقت معاشٍ تستيقظون فيه وتتقلبون في حوائجكم ومكاسبكم. وقيل: السبات الراحة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (على بناء الأدواء)، يعني: كالسعال والزكام والجذام.

قوله: (ولما جعل النوم موتاً، جعل اليقظة معاشاً، أي: حياة في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا})، راعى المطابقة بين قوله: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} وبين قوله: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}، والمطابقة الحقيقية: جعلنا يقظتكم حياة، فوضع موضع اليقظة النهار؛ لأنها تقع فيه غالباً، وموضع حياة: معاشاً، فبقى قوله: {وَجَعَلْنَا الَّيْلَ لِبَاسًا} جملة مستطردة بين القرينتين لذكر النوم في القرينة الأولى، هذا إذا جعل السُّبات بمعنى الموت، وأما إذا جعل بمعنى الراحة، وهو قول الزجاج: السبات: "أن تنقطع الحركة من بدنه بالنوم"، أي: جعلنا نومكم راحة، يكون قوله: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، قرينة لقوله: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا}، فيصح الطباق بين القرينتين الأوليين؛ لأن جل الاستمتاع بين الزوجين في حالة النوم والراحة.

وقال في قوله: {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: ٢٤]: "المقيل: المكان الذي يأوون إليه للاسترواح إلى أزواجهم والتمتع بمغازلتهن وملامستهن"، ومنه قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِ‍ئُونَ} [يس: ٥٦]، وبين القرينتين التاليتين، وهما: {وَجَعَلْنَا الَّيْلَ لِبَاسًا (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}؛ لأنهما نحو قوله: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِي} [القصص: ٧٣]، ويؤيده قول الزجاج: {وَجَعَلْنَا الَّيْلَ لِبَاسًا} أي: لتسكنوا فيه.

قوله: (أي وقت معاش)، قيل: المعاش: مصدر، يقال: "عاش يعيش عيشاً ومعاشاً ومعيشة وعيشة".

<<  <  ج: ص:  >  >>