للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا حان له أن يجز. ومنه: أعصرت الجارية إذا دنت أن تحيض. وقرأ عكرمة: (بالمعصرات)، وفيه وجهان: أن تراد الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب، وأن تراد السحائب؛ لأنه إذا كان الإنزال منها فهو بها، كما تقول: أعطى من يده درهماً، وأعطى بيده، وعن مجاهد: المعصرات الرياح ذوات الأعاصير. وعن الحسن وقتادة: هي السماوات. وتأويله: أن الماء ينزل من السماء إلى السحاب، فكأنّ السماوات يعصرن، أي: يحملن على العصر ويمكنّ منه.

فإن قلت: فما وجه من قرأ: (مِنَ الْمُعْصِراتِ) وفسرها بالرياح ذوات الأعاصير، والمطر لا ينزل من الرياح؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرأ عكرمة: "بالمعصرات" قال ابن جني: "وهي قراءة ابن الزبير وابن عباس وغيرهما، ولم يذكر عكرمة، وقال: إذا نزل الماء منها فقد أنزل بها، كقولهم: أعطيته من يدي درهماً وبيدي درهماً، المعنى واحد، وليس "من" هاهنا مثلها في قولهم: أعطيته من الدراهم؛ لأن "من" فيه تبعيضية، وليس المراد أن الدراهم بعض اليد، لكن المراد أن ابتداء العطية من اليد"، فقول المصنف: "إذا كان الإنزال منها فهو بها"، إيذان بأن "من" الابتدائية فيها معنى السببية، كما مر في قوله: {أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [المائدة: ٨٣] أي: من أجله وبسببه، فإذن هي والباء من وادٍ واحد.

قوله: (أي: يحملن على العصر)، يعني: أن المعصرات على الحقيقة هي الرياح؛ لأنها تعصر السحاب لتمطر، وسميت السماء بالمعصرات، لما أن الماء إنما ينزل منها إلى السحاب، فيتمكن الرياح حينئذ من العصر، ولولاها لم يتمكن منه، فأسند إليه، فالهمزة في الإعصار: للتعدية.

قوله: (ذوات الأعاصير)، الجوهري: "الإعصار: ريح تثير الغبار، فيرتفع إلى السماء كأنه عمود، ويقال: هي ريح تثير سحاباً ذات رعد وبرق وتعصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>