وبالطوائف التي تنشطها؛ أي: تخرجها؛ من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها، وبالطوائف التي تسبح في مضيها، أي: تسرع فتسبق إلى ما أمروا به، فتدبر أمراً من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم كما رسم لهم (غَرْقًا) إغراقاً في النزع،
فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]. والنزع عن الشيء: الكف عنه، والنزوع: الاشتياق، وذلك هو المعبر عنه بارتحال النفس مع الحبيب".
قوله:(تنشطها؛ أي: تُخرجها، من: نشط الدلو من البئر)، الأساس: "بئر أنشاط: يخرج دلوها بجذبة واحدة"، وفي "الصحاح": "نشط الدلو من البئر: نزعها من غير بكرة". قال محيي السنة: "الناشطات: الملائكة تنشط نفس المؤمن، أي: تحل حلاً رفيقاً فتقبضها كما ينشط العقال من البعير، أي: يُحل برفق". حكى هذا القول الفراء ثم قال: "والذي سمعت من العرب أن يقولوا: أنشطت العِقال: إذا حللته، ونشطته: إذا عقدته بأنشوطة"، وفي الحديث: "كأنما نُشط من عقال".
قال الإمام: "وهي الملاكة التي تنشط روح المؤمن فتقبضها. فالمناسب أن يخصص هذا بالمؤمن، والأول بالكافر، لما بين النزع والنشط من الفرق، فإن النزع: جذب بشدة، والنشط: جذب برفق ولين".
قوله:(كما رسم لهم)، الجوهري: "رسمت له كذا فارتسمته، أي: امتثلته".
قوله:({غَرْقًا} إغراقاً في النزع)، قيل:{غَرْقًا}: اسم موضوع للإغراق، كالسلام للتسليم. وعن بعضهم: الإغراق نوع من النزع، والنزع جنس. الأساس: "ومن المجاز: أغرق