للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: الإغراق في الدنيا والإحراق في الآخرة. وعن ابن عباس: نكال كلمتيه: الآخرة وهي قوله: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى)، والأولى وهي قوله: (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرِي) [القصص: ٣٨]، وقيل: كان بين الكلمتين أربعون سنة، وقيل عشرون.

[(أَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا • رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا • وأَغْطَشَ لَيْلَهَا وأَخْرَجَ ضُحَاهَا • والأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا • أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا ومَرْعَاهَا • والْجِبَالَ أَرْسَاهَا • مَتَاعًا لَّكُمْ ولأَنْعَامِكُمْ) ٢٧ - ٣٣]

الخطاب لمنكري البعث، يعنى: (أَنتُمْ) أصعب (خَلْقًا) وإنشاء (أَمِ السَّمَاءُ) ثم بين كيف خلقها فقال: (بَنَاهَا) ثم بين البناء فقال: (رَفَعَ سَمْكَهَا)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (يعني: الإغراق في الدنيا والإحراق في الآخرة)، فيكون التقدير: أخذه الله نكال الدار الآخرة ونكال الدار الأولى، أو التقدير: أخذه الله نكال الكلمة الآخرة ونكال الكلمة الأولى، وفي تقدير المصنف تكرير؛ لأنه كرر الرواية عن ابن عباس.

قوله: (الخطاب لمنكري البعث)، إشارة إلة أن قوله: {ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا} مردود إلى فاتحة السورة، وذلك أنه تعالى أقسم على إثبات الحشر بما أقسم وبالغ فيه، وكان خطاباً لمنكري البعث، ومن ثم قُدر جواب القسم: "لتبعثن" لقرينه قوله: {أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ} إنكاراً، وقولهم: {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} استهزاءً، وأجابهم الله بقوله: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ}، أي: لا تستصعبوها فإنما هي سهلة هينة في قدرته، بين السهولة بقوله: {ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا}، وحين كان الجواب تسلياً لرسول الله? من استهزائهم، وتهديداً للكافرين لإنكارهم، أوقع قصة موسى وفرعون مجملاً في البين ومزيداً للتهديد، ومن ثم وُسطت القصة بحديث الخشية، حيث قيل: {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} وختمت به قائلاً: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى}.

قوله: (ثم بين كيف خلقها فقال: {بَنَاهَا})، أي: استئناف على سبيل البيان، قال الكسائي

<<  <  ج: ص:  >  >>