للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: فإن الجحيم مأواه، كما تقول للرجل: غض الطرف، تريد: طرفك، وليس الألف واللام بدلاً من الإضافة، ولكن لما علم أن الطاغي هو صاحب المأوى، وأنه لا يغض الرجل طرف غيره: تركت الإضافة؛ ودخول حرف التعريف في المأوى والطرف: للتعريف؛ لأنهما معروفان، و (هِيَ) فصل أو مبتدأ.

[(وأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى • فَإنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَاوَى) ٤٠ - ٤١]

(ونَهَى النَّفْسَ) الأمارة بالسوء (عَنِ الهَوَى) المردي، وهو إتباع الشهوات، وزجرها عنه وضبطها بالصبر والتوطين على إيثار الخير

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وليس الألف واللام بدلاً من الإضافة)، قال صاحب "الكشف": قال الكوفي: بل التقدير: مأواه، فقام الألف مقام الضمير.

قوله: (ودخول حرف التعريف في المأوى والطرف: للتعريف؛ لأنهما معروفان)، قال الزجاج: ليس الألف واللام بدلاً من الكاف في الطرف وإن كان المعنى: غض طرفك؛ لأن المخاطب يعلم أنك لا تأمره بعض طرف غيره، قال:

فغض الطرف إنك من نُمير فلا كعباً بلغت ولا كلابا

قوله: (وزجرها عنه)، عطف تفسيري على {وَنَهَى النَّفْسَ}، وقوله: "وضبطها بالصبر"، تفسير هكذا لـ "زجرها". الراغب: "النهي: الزجر عن الشيء، وهو من حيث المعنى لا فرق بين أن يكون بالقول أو بغيره، وما كان بالقول لا فرق بين أن يكون بلفظة افعل، نحو: اجتنب كذا، وبلفظة لا تفعل، ومن حيث اللفظ هو قولهم: لا تفعل كذا، فإذا قيل: لا تفعل فهو نهي من حيث اللفظ والمعنى جميعاً، نحو: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: ٣٥] وقوله: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} لم يعن به أن يقول لنفسه: لا تفعل، بل أراد قمعها عن شهوتها،

<<  <  ج: ص:  >  >>