قوله:(لا نفس واحدة)، يعني: نفس في قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} نكرة في سياق الإثبات، فلا يُفيد العموم والمقام يقتضيه. وأجاب الإمام بجوابين، أحدهما: ما ذكره المصنف ثم قال: "وهذا كمن يسأل عالماً عن مسألة ظاهرية ويقول له: هل عندك شيء فيها؟ فيقول ربما حضر شيء، وغرضه الإشارة إلى أن ما عنده في تلك المسألة، ما لا يقوم به غيره، وثانيهما: لعل الكفار كانوا يُتعبون أنفسهم في الدنيا فيما يعتقدونه طاعات، ثم بدا لهم يوم القيامة خلاف ذلك".
وقلت: والتنوين في {نَفْسٌ} إذن: للنوع، أي: علمت نفس كافرة أن ما حسبته طاعة كان وبالاً عليها، ويؤيده قوله:{وَإِذَاالْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ}. وأما الواحدي ومحيي السنة فقد قالا: "علمت كل نفس ما أحضرت من خير أو شر"، وقال القاضي: "نفس في معنى العموم، كقولهم: تمرة خير من جرادة".
قوله:(يقصدون به الإفراط فيما يُعكس عنه)، أي: يقصدون الإفراط في الشيء الذي يجعل الكلام معكوساً عنه، مثاله:{نَفْسٌ} فيما نحن بصدده، فإنها تُفيد القلَّة وضعت موضع الكثرة تعكيساً، لإرادة الإفراط في الكثرة.