للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا نفسٌ واحدةٌ، فما معنى قوله: (عَلِمَتْ نَفْسٌ)؟

قلت: هو من عكس كلامهم الذي يقصدون به الإفراط فيما يعكس عنه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: ٩٨]، فذلك من باب الكناية، أي: أن يحضرني الجن، وكني عن المجنون بالمحتضر وعمن حضره الموت بذلك".

قوله: {مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا}، أي: مُشاهداً مُعايناً عنده.

قوله: (لا نفس واحدة)، يعني: نفس في قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} نكرة في سياق الإثبات، فلا يُفيد العموم والمقام يقتضيه. وأجاب الإمام بجوابين، أحدهما: ما ذكره المصنف ثم قال: "وهذا كمن يسأل عالماً عن مسألة ظاهرية ويقول له: هل عندك شيء فيها؟ فيقول ربما حضر شيء، وغرضه الإشارة إلى أن ما عنده في تلك المسألة، ما لا يقوم به غيره، وثانيهما: لعل الكفار كانوا يُتعبون أنفسهم في الدنيا فيما يعتقدونه طاعات، ثم بدا لهم يوم القيامة خلاف ذلك".

وقلت: والتنوين في {نَفْسٌ} إذن: للنوع، أي: علمت نفس كافرة أن ما حسبته طاعة كان وبالاً عليها، ويؤيده قوله: {وَإِذَاالْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ}. وأما الواحدي ومحيي السنة فقد قالا: "علمت كل نفس ما أحضرت من خير أو شر وقال القاضي: "نفس في معنى العموم، كقولهم: تمرة خير من جرادة".

قوله: (يقصدون به الإفراط فيما يُعكس عنه)، أي: يقصدون الإفراط في الشيء الذي يجعل الكلام معكوساً عنه، مثاله: {نَفْسٌ} فيما نحن بصدده، فإنها تُفيد القلَّة وضعت موضع الكثرة تعكيساً، لإرادة الإفراط في الكثرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>