يعني: في قبورهم، وقيل: أخبر الله في هذه السورة أنّ لابن آدم ثلاث حالات: حال الحياة التي يحفظ فيها عمله، وحال الآخرة التي يجازى فيها، وحال البرزخ وهو قوله:(وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ).
[(وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) ١٧ - ١٩].
يعنى أن أمر يوم الدين بحيث لا ندرك دراية دارٍ كنهه في الهول والشدّة، وكيفما تصورته فهو فوق ذلك وعلى أضعافه، والتكرير لزيادة التهويل، ثم أجمل القول في وصفه فقال:(يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) أي: لا تستطيع دفعاً عنها ولا نفعاً لها بوجه، ولا أمر إلا لله وحده. من رفع فغلى البدل من (يوم الدين)، ........
قوله:(يعني: في قبورهم)، والواو على هذا: للعطف، فيقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، أي: إنهم الآن ليسوا بغائبين عن الجحيم، كما قال تعالى:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر: ٤٦]، وعلى الأول: للحال.
قوله:(إن أمر يوم الدين بحيث لا تُدرك دراية دار)، وعن بعضهم:{ثُمَّ} هاهنا للاستبعاد، والاستفهام في "ما" للاستنكار، وجعل ذلك مستبعداً مستنكراً.
قوله:(ولا أمر إلا لله وحده)، الأمر: واحد الأمور، لا واحد الأوامر، قال الواحدي عن قتادة:"ليس أحد يقضي شيئاً أو يضع شيئاً إلا رب العالمين"، ولذلك عقب المصنف قوله: ولا أمر إلا لله وحده، قوله: أي: لا يستطيع دفعاً عنها ولا نفعاً لها بوجه.
قوله:(من رفع فعلى البدل)، ابن كثي وأبو عمرو، والباقون: بنصبها.