فمن لم يثبتها قال: المعنى كافٍ في التفرقة بينهما. وعن عيسى بن عمر وحمزة: أنهما كانا يرتكبان ذلك، أي يجعلان الضميرين للمطففين، ويقفان عند الواوين وقيفة يبينان بها ما أرادا.
فإن قلت: هلا قيل: أو اتزنوا، كما قيل أَوْ (وَزَنُوهُمْ)؟
قوله:(الضميرين للمطففين ويقفان عند الواوين وقيفة)، هذا يدل على أنهما جعلاهم في الموضعين مبتدأ، فالوجه أن يكون الخبر من أحدهما محذوفاً، أي: إذا كالوهم يُخسرون، وإذا وزنوهم يُخسرون. قال الزجاج:"منهم من يجعل {هُم} تأكيداً لما في كالوا، فيجوز أن يقف على: كالوا"، وكذا في "الكواشي". وقال أبو البقاء:"إنه ضمير منفصل مؤكد لضمير الفاعل، فعلى هذا يُكتبان بالألف".
قوله:(هلا قيل: أو اتزنوا، كما قيل:{أَو وَّزَنُوهُمْ}؟ )، أي: لِمَ لَمْ يوازن بين القرينتين؟ بأن يقال: إذا اكتالوا على الناس، أو اتزنوا عليهم يستوفون، لمكان قوله: وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون؟ أجاب: أنه أتى على ما كانوا عليه، وتُعُورف من أحوالهم؛ لأنهم كانوا لا يأخذون ما يُكال ويوزن إلا بالمكاييل دون الموازين. قال الزجاج:"المعنى: إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم الكيل، وكذلك إذا اتزنوا استوفوا الوزن، ولم يذكر إذا اتزنوا، لأن الكيل والوزن بهما الشراء والبيع بما يُكال ويوزن".
يريد أنه استغنى عن ذكر إحدى القرينتين بالأخرى بدلالة القرينة الآتية عليها. وقلت: الذين إذا اكتالوا إما أن يكون صفة مخصصة أو كاشفة أو جارية على الذم، فعلى الأول لا ينبغي ذكر الوزن؛ لأن سبب النزول - كما سبق - في قوم مخصوصين وفي فعل مخصوص وهو الكيل، وعلى الثاني: كلام الزجاج؛ لأن معنى التطفيف: البخس في الكيل