الذي إذا ورد عليه الأمر من جهة المطاع أنصت له وأذعن ولم يأب ولم يمتنع، كقوله:(أَتَيْنَا طَائِعِينَ)[فصلت: ١١]. (وحُقَّتْ) من قولك هو محقوق بكذا وحقيق به، يعني: وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع، ومعناه الإيذان بأن القادر الذات يجب أن يتأتى له كل مقدور ويحق ذلك. (مُدَّتْ) من مد الشيء فامتد: وهو أن تزال جبالها وآكامها وكل أمت فيها، حتى تمتد وتنبسط ويستوي ظهرها، كما قال تعالى:(قَاعًا صَفْصَفًا • لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا ولا أَمْتًا)[طه: ١٠٦ - ١٠٧]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: مدت مد الأديم العكاظي؛ لأن الأديم إذا مد زال انثناء فيه وأمت واستوى، أو من مده بمعنى أمده، أي: زيدت سعة وبسطة. (وأَلْقَتْ مَا فِيهَا) ورمت بما في جوفها مما دفن فيها من الموتى والكنوز، (وتَخَلَّتْ) وخلت غاية الخلو حتى لم يبق شيء في باطنها،
منوال قوله:{قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[فصلت: ١١]. قال الإمام:"المعنى: لم يوجد في جرم السماء ما يمنع من تأثير قدرة الله في شقها وتفريق أجزائها، فكانت في قبول ذلك التأثير كالعبد الطائع؛ إذا ورد عليه الأمر من جهة مالكه أذعن ولم يمتنع لذلك". قوله:{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا}، يدل على نفوذ القدرة في التفريق والإعدام والإفناء من غير ممانعة أصلاً.
قوله:(بأن القادر الذات)، الانتصاف:"ما باله لا يقول: الذي عمت قدرته الكائنات، فيُثبت لله تعالى صفة الكمال؟ وإنما قوله: القادر الذات ميل إلى البدعة".
قوله:(وكل أمت)، الجوهري:"الأمت: المكان المرتفع. والأمت التلال الصغار".
قوله:(العُكاظي)، النهاية:"العكاظ: موضع بقرب مكة كانت تُقام بها في الجاهلية سوق يقيمون فيها أياماً".