وهو جرها السلاسل والأغلال، وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل، وارتقاؤها دائبة في صعود من نار، وهبوطها في حدور منها. وقيل: عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها وتنعمت، فهي في نصب منها في الآخرة، وقيل: عملت ونصبت في أعمال لا تجدي عليها في الآخرة. من قوله:(وقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ)[الفرقان: ٢٣]. (وهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)[الكهف: ١٠٤]، (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ)[آل عمران: ٢٢] وقيل: هم أصحاب الصوامع، ومعناه: أنها خشعت لله وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب، والتهجد الواصب. وقرئ:(عاملة ناصبة) على الشتم. قرئ:(تَصْلَى) بفتح التاء. و (تصلى) بضمها. وتصلى بالتشديد.
فالوجه أن يُجعلا خبرين لمبتدأ محذوف، حكاية عن الحال الماضية كقوله تعالى:{وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ}[الكهف: ١٨]، كأنه تعالى يخبر عن أحوالهم في القيامة على سبيل الحكاية عن الحال الماضية.
قوله:(دائبة)، الجوهري:"دأب في عمله، أي: جد وتعب، دأباً ودؤوباً فهو دائب، والدائبان: الليل والنهار".
قوله:(وهبوطها)، عطف على "ارتقاؤها"، و"في صعود" خبره. كما أن "في حدود منها" خبر "هبوطها"، و "دائبة" حال من الضمير في الجار والمجرور. والجملتان مُبينتان لتشبيه العامل بخوض الإبل في الوحل.
قوله:(الواصب)، الجوهري:"وصب الشيء يصب وصوباً: إذا دام"، أي: ما نفعها هذه الأفعال لأنها لم تكن مع الإيمان.
قوله:(وقرئ: {تَصْلَى}، بفتح التاء)، أبو عمرو وأبو بكر: بضم التاء، والباقون: بفتحها، وبالتشديد: شاذ.