(هَلْ فِي ذَلِكَ) أي فيما أقسمت به من هذه الأشياء (قَسَمٌ) أي مقسم به، (لذي حجر) يريد: هل يحق عنده أن تعظم بالإقسام بها. أو: هل في إقسامي بها إقسام لذي حجر، أي: هل هو قسم عظيم يؤكد بمثله المقسم عليه. والحجر: العقل؛ لأنه يحجر عن التهافت فيما لا ينبغي، كما سمي عقلاً ونهية؛ لأنه يعقل وينهى. وحصاة: من الإحصاء وهو الضبط. وقال الفراء: يقال: إنه لذو حجر، إذا كان قاهراً لنفسه ضابطاً لها؛ والمقسم عليه محذوف وهو (ليعذبن) يدل عليه قوله: (أَلَمْ تَرَ)[الفجر: ٦]، إلى قوله:(فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ)[الفجر: ١٣].
في سقوط الياء، قال: الليل لا يَسري، ولكن يُسرى فيه، فهو مصروف؛ فلما صرفه بخسه حظه من الإعراب، كقوله:{وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}[مريم: ٢٨]، ولم يقل: بغية؛ لأنه صرف من: باغية".
قوله:(أي: هل هو قسم عظيم يؤكد بمثله المقسم عليه)، في ذكر مثله أيضاً تعظيم، لأنه نحو قولك: مثلك يجود، والمعنى: قسم عظيم مُكف ومقنع في القسم، قال الإمام: "دل الاستفهام على التأكيد كمن ذكر حجة بالغة، ثم قال: هل فيما ذكرته حجة؟ والمعنى: من كان ذا لُب، علم أن ما أقسم الله به من هذه الأشياء، فيه عجائب ودلائل على التوحيد والربوبية، فهو حقيق بأن يقسم به لدلالته على خالقه".