قوله:(وقيل: ليلة ساجية: ساكنة الريح)، بيان لما سبق. ويجوز أن يكون وجهاً آخر، قال في قوله:{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ}[غافر: ٦١]: "الليل يجوز أن يوصف بالسكون على الحقيقة، ألا ترى إلى قولهم: ليل ساج، وساكن لا ريح فيه".
قوله:(وقرئ بالتخفيف، يعني: ما تركك)، قال ابن جني:"وهي قراءة النبي? وعروة ابن الزبير، وهي قليلة الاستعمال، قال سيبويه: استغنوا عن وذر وودع بقولهم: ترك، على أنها جاءت في شعر أبي الأسود، وأنشدناه أبو علي:
ليت شعري عن خليلي ما الذي غاله في الحُب حتى ودعه
إلا أنهم قد استعملوا مضارعه". وقلت: وقد جاء في شعر المتنبي:
يَشُقكم بقناها كل سَلْهَبة والضرب يأخذ منكم فوق ما يدع
وإنما حسن هذه القراءة الموافقة بين الكلمتين، كأنه قيل: ما تركك وما قلاك، ومُؤدى معنى المشهورة إلى هذا، لأن التوديع أمارة المحبة، وقصدهم غاية البغض، ولذلك قال:"التوديع: مبالغة في الوداع"، ونظيره ما جاء في الحديث: "دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا