وذلك أنها لا تخلو من أن تكون لام قسٍم أو ابتداٍء؛ فلام القسم لا تدخل على المضارع إلا مع نون التأكيد، فبقى أن تكون لام ابتداٍء، ولام الابتداء لا تدخل إلا على الجملة من المبتدأ والخبر، فلا بد من تقدير مبتدأ وخبر، وأن يكون أصله: ولأنت سوف يعطيك.
فإن قلت: ما معنى الجمع بين حرفي التوكيد والتأخير؟
قلت: معناه أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخر، لما في التأخير من المصلحة.
عدّد عليه نعمه وأياديه، وأنه لم يخله منها من أول تربيه وابتداء نشئه، ترشيحًا لما أراد به؛ ليقيس المترقب من فضل الله على ما سلف منه، لئلا يتوقع إلا الحسنى وزيادة الخير والكرامة، ولا يضيق صدره ولا يقل صبره. و (أَلَمْ يَجِدْكَ) من الوجود الذي بمعنى العلم، والمنصوبان مفعولا وجد. والمعنى: ألم تكن يتيمًا، وذلك أنّ أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر، وماتت أمّه، وهو ابن ثماني سنين، فكفله عمه أبو طالب، وعطفه الله عليه فأحسن تربيته.
وقلت: قد نص في "مريم" أن اللام مخلصة للتأكيد، ولا بأس بحذف المبتدأ، والفرق بين هذه اللام و"إن" و"قد"، أنهما مؤثران في المدخول عليه مع التوكيد بخلاف هذه اللام، لأن مقتضاها أن تؤكد مضمون الجملة لا غير، وهو باق وإن حُذف المبتدأ.
قوله:(بين حرفي التوكيد والتأخير)، أي اللام و"سوف".
قوله:(ترشيحاً لما أراد به)، الأساس:"ومن المجاز: هو مرشح للخلافة، وأصله ترشيح الظبية ولدها تعوده المشي". قيل:"ترشيحاً" مفعول له، لقوله:"فلم يُخله"، أو لقوله:"عدد عليه نعمه".