وأكثر المفسرين على أن الفاتحة أول ما نزل ثم سورة القلم. محل (بِاسْمِ رَبِّكَ) النصب على الحال، أي: اقرأ مفتتحًا باسم ربك، قل: بسم الله، ثم اقرأ.
فإن قلت: كيف قال: (خَلَقَ) فلم يذكر له مفعولًا، ثم قال:(خَلَقَ الْإِنْسانَ)؟
قلت: هو على وجهين: إما أن لا يقدر له مفعول وأن يراد أنه الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه. وإما أن يقدر ويراد خلق كل شيء، فيتناول كل مخلوق، لأنه مطلق، فليس بعض المخلوقات أولى بتقديره من بعض. وقوله:(خَلَقَ الْإِنْسانَ) تخصيص للإنسان بالذكر من بين ما يتناوله الخلق؛ لأن التنزيل إليه وهو أشرف ما على الأرض.
الذي خلق". ويمكن أن يقال: إن وجه التوفيق بين الروايتين، هو أن أول ما بُدئ به من الأمر بإنشاء القراءة هو {اقْرَأْ}، ومن الأمر بإنشاء الإنذار {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (قُمْ فَأَنذِرْ}.
قوله: (محل {بِاسْمِ رَبِّكَ} النصب على الحال)، في "الكواشي": "الباء دخلت لتدل على الملازمة والتكرير، كأخذت بالخطام وأخذت الخطام، أو دخلت لتدل على البداية باسمه تعالى ومحلها حال، أي: اقرأ مبتدئاً باسم ربك".
قوله:(قل: باسم الله، ثم اقرأ)، الجملة بيان لقوله: "اقرأ مفتتحاً باسم ربك، ولذلك أُخليت من العاطف".
قوله:(لأن التنزيل إليه وهو أشرف ما على الأرض)، يعني: هذا من باب قوله: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ}[البقرة: ٩٨]، لكن تقييده الأشرف بقوله:{مَا عَلَى الْأَرْضِ}، إيماء إلى تفضيل الملائكة. وقال القاضي: "الذي خلق كل شيء، ثم أفرد ما هو أشرف وأظهر صنعاً وتدبيراً"، وقال صاحب "الكشف": "خصص بعد التعميم؛ فهو