للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجواب أن الاستفهام دخل بين الشرط والجزاء مؤكدة مقررة للتعجب. قال الزجاج في قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ}؟ [الزمر: ١٩]: "الهمزة جاءت مؤكدة معادة بين المبتدأ المتضمن للشرط، وبين الخبر للطول"؛ فعلى هذا، لا يقال: إن أكرمتك، أتكرمني؟ إلا مع من استمر معه الإكرام، واستمر منه عدم المبالاة.

فإن قلت: ذكر أن {الَّذِي يَنْهَى} مع الجملة الشرطية، هما في موضع المفعولين، لأنهما مبتدأ وخبر، والخبر شرط وجزاء. هذا صحيح في {أَرَءَيْتَ} الأولى. وأما الثالثة، فليس فيها سوى الجملة الشرطية، وقد تقرر أنه لا يحذف المفعول الأول، إلا إذا كان الفاعل والمفعولان لشيء واحد، نحو قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: ١٦٩]، على القراءة بالياء التحتانية، أي: لا يحسبن الذين قتلوا أنفسهم في سبيل الله أمواتاً. وإنما جاز الحذف لأنه في الأصل مبتدأ، فيحذف كما يحذف المبتدأ، لكن بذلك الشرط. قلت: إنما لم يجز حذف المفعول الأول للإلباس. فأما إذا قامت قرينة، نحو كون الفاعل والمفعولين شيئاً واحداً، وثم قرينة ظاهرة تدل على المحذوف، كما نحن بصدده من تصريحه بالقرينة الأولى، فما المانع من الجواز؟ وقد سبق عن المالكي وصاحب "التُّحفة" في سورة "القصص" جواز ذلك، على أن {أَرَءَيْتَ} استخبار ومتعلقه الجملة الشرطية. وفاعل {كَذَّب} ضمير راجع إلى الناهي والآمر، فلا يحتاج إلى شيء آخر، كما في قوله تعالى: {قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} [الأنعام: ٤٠]، في وجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>