يره يوم القيامة فيفرح به، وكذلك الشر فيراه في كتابه، فيسوؤه ذلك. وروى محيي السنة والإمام عن ابن عباس: ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيراً كان أو شراً، إلا أراه الله تعالى إياه؛ فأما المؤمن فتغفر له سيئاته ويُثيبه بحسناته، وأما الكافر فتُرد حسناته ويعذب بسيئاته. وهذا الاحتمال يساعده النظم والمعنى والأسلوب.
أما النظم، فإن قوله {فَمَن يَعْمَلْ} كما سبق، تفصيل لما عقب به من قوله {يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}، فيجب التوافق. والأعمال جمع مضاف يفيد الشمول والاستغراق، {يَصْدُرُ النَّاسُ} مقيد بقوله {أَشْتَاتًا}، فيفيد أنهم على طرائق شتى للنزول في منازلهم من الجنة والنار، بحسب أعمالهم المختلفة، ومن ثم كانت الجنة ذات درجات، والنار ذات دركات.
وأما المعنى، فإنها وردت لبيان الاستقصاء في عرض الأعمال والجزاء عليها، لقوله تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[الأنبياء: ٤٧].
وأما الأسلوب، فإنها من الجوامع الحاوية لفوائد الدين أصولاً وفروعاً، روينا عن البخاري ومسلم عن أبي هريرة: سُئل رسول الله? عن الحمر، فقال: لم ينزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة، فتلاها.
قوله: عن الحُمر، أي: عن صدقة الحُمر. والفاذة: أي المنفردة في معناها؛ فذ الرجل عن أصحابه إذا شذ عنهم. وروى الإمام أحمد عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق، أنه